تطبيقات الدبلوماسية الدينية في زيارة الاربعين

من المعلوم ان الزيارة الاربعينية حدث سنوي وظاهرة إنسانية تتكرر كل سنة في يوم 20 صفر، هذه المسيرة التي شارك بها الملايين من البشر على اختلاف مشاربهم الفكرية والاجتماعية وجنسياتهم يتوجهون فيها إلى العراق لأداء مراسم هذه الزيارة في مدينة كربلاء المقدسة ، إذ شارك في زيارة الأربعين في أيلول 2022 حوالي (21.198.640) مليون زائراً، كان نسبة الزائرين الأجانب منهم (3.752.887) وهم مقسمين على (171) دولة، وكما موضح في الجدول التالي

أولاً : الزائرين الأجانب :

ت  القارة  عدد الدول  عدد الزائرين

1.    قارة اسيا  41  3.936.975

2.    قارة افريقيا  45  5.733

3.    قارة اوربا  47  54.254

4.    قارة أمريكا الشمالية  16  8934

5.    قارة أمريكا الجنوبية  13  237

6.    قارة استراليا ودول اخرى  9  5.958

المجموع  171  4.012.091

يتبين من خلال الجدول أعلاه ان عدد الزائرين الأجانب قد تجاوز الأربعة ملايين زائر في زيارة الأربعين لعام 2022، ومن (171) دولة، وعلى الرغم من ان بعض الدول لا يتعدى زائريها المئات بل وحتى العشرات، نجد ان دول الجوار العراقي والدول العربية والخليجية قد تصدرت اعدادها من الزائرين بالملايين والالاف وهذا ما يحتاجه العراق فلابد من استثمار هذه الزيارة وهذه الاعداد لجعلهم سفراء للموروث الحسيني وقضايا العراق، لاسيما وان الزيارة الاربعينية وكما نوهنا سابقاً تستمر لمدة عشرة أيام واكثر وان الزائر الأجنبي الذي يدخل العراق براً او عن طريق المطارات لا بد له ان يتأثر بالخدمة والضيافة العراقية، ويتعرف على طبيعة الشعب العراقي وحجم التكاتف بين طوائف وديانات العراق، كافة التي ساهمت في دعم هذه المسيرة.

ثانياً : المواكب الحسينية الأجنبية (الهيئات الخدمية والعزائية) :

إلى جانب الزائرين الأجانب الذي توافدوا على زيارة كربلاء في شهر أيلول 2022 الموافق لشهر صفر من سنة 1444 هجرية، كانت هنالك العديد من المواكب الخدمية والتي هي عبارة عن محطات لتقديم العزاء والخدمة لزائرين الامام الحسين (ع)،  ولم تقتصر هذه المواكب والهيئات على المتطوعين العراقيين، وانما امتدت لتشمل متطوعين من جنسيات أجنبية لتقديم الخدمة اما لأبناء جالياتهم او لتقديم الخدمة بصورة عامة، وقد شارك في زيارة الأربعين لعام 2022 اكثر من (171) موكب ومن (18) دولة وكما موضح أدناه( ).

ت  الدولة  العدد

1.    ايران  103

2.    لبنان  16

3.    الكويت  12

4.    السعودية  8

5.    باكستان  6

6.    الهند  4

7.    البحرين  3

8.    بريطانيا  3

9.    سوريا  3

10.    إندونيسيا  2

11.    الولايات المتحدة  2

12.    عمان  2

13.    نيجيريا  2

14.    المانيا  1

15.    اليمن  1

16.    السويد  1

17.    بلجيكا  1

18.    تركيا  1

وبذلك يكون لهذه المواكب دور في تعريف الرأي العام في الدول التي لها رعايا مشاركين في المسيرة بواقع الوضع السياسي والاجتماعي العراقي وبما ينعكس على طبيعة عمل الدبلوماسية الدينية العراقية وتساهم في دعم جهود العراق الدبلوماسية في المحافل الدولية.

ثالثاً : المسيرة الاربعينية في الدول الأجنبية :

من المعلوم ان الزيارة الاربعينية تجرى كل سنة في يوم 20 صفر في كربلاء المقدسة، الا انه على الرغم من المكان والزمان المعلومان لهذه الزيارة والتي يقتصر حضورها في الغالب على اتباع مذهب محدد، الا ان غالبية الدول الإسلامية والدول الأجنبية التي يوجد بها جاليات مسلمة تشهد مدنها إقامة مواكب تعزية ومسيرات شعبية موازية لمسيرة الأربعين في كربلاء، فعلى سبيل المثال شهدت المملكة المتحدة وتحديدا مدينة لندن في كل عام مجالس حسينية ومسيرات للتعريف بالقضية الحسينية ،لاسيما في ماربل ارش (الهايد بارك) ، أذ يشارك في هذه المسيرات المسلمون من مختلف جنسياتهم ،  وتبدأ هذه المسيرات من وسط لندن مروراً بمنطقة (ادجورود) الى نهاية المسيرة في منطقة (الهايد بارك)، وتوزع في هذه المسيرات الكراسات والكتيبات لتعريف الناس بهذه الحادثة وبالدين الإسلامي( ).وفي مدن المانيا وفرنسا وباقي دول أوربا والتي توحد فيها جاليات مسلمة كبيرة والتي يمارس فيها المسلمون وغيرهم ذات الطقوس من مسير وتوزيع الكتب والكراسات واحياء تلك الشعائر.

وفي الولايات المتحدة الامريكية تقيم الجالية المسلمة في ولاية نيويورك مسيرات حسينية، يشارك فيها المئات من المسلمين وفي مدينة ديترويت وولاية ميشغان تنطلق مسيرة عزائية في ذكرى المسيرة الاربعينية فضلا عن باقي المسيرات في العديد من الولايات الأمريكية.

وفي ما يخص دول الجوار العراقي والدول العربية فهي تشهد مراسم مشابهة لما يحدث في العراق، لاسيما في ايران وتركيا والسعودية والكويت والبحرين، وعلى الرغم من ان حادثة كربلاء وزيارة الامام الحسين (ع) لا تقتصر على العراقيين، الا ان زيارة الأربعين وطقوسها أصبحت ماركة عراقية مسجلة، ينبغي الاستفادة منها كأداة ناعمة لنشر ثقافة التسامح والتآلف بين أبناء الشعب العراقي وإعطاء صورة خالدة عن كرم وضيافة هذا البلد، وهذا واضح من ردود الأفعال السياسية والشعبية والإعلامية للدول الأجنبية (الإسلامية والعربية) ، والتي اشرت هذه الحالة الإيجابية للشعب العراقي في تحمل واستضافة اكثر من 21  مليون زائر اجنبي دون كلل أو ملل او منة في تقديم الخدمات وتسهيل الإجراءات،  ولذلك ينبغي على الحكومة العراقية والجهات ذات العلاقة، استثمار هذه الزيارة وتأثيراتها بما تمثله من دبلوماسية شعبية ودينية لتحقيق الأهداف العليا للدولة وبما يخدم مصالح الشعب العراقي لتكون الدبلوماسية الدينية أداة ساندة للجهود الدبلوماسية العراقية في الدفاع عن مصالح البلد.

الخاتمة :

تبين لنا من خلال دراسة هذا الموضوع جملة من النتائج والاستنتاجات هي:

-  تعد الدبلوماسية الشعبية (الدينية) واحدة من الأدوات الفاعلة في مجتمع القرن الحادي والعشرين، وهي فاعل مؤشر في العلاقات الدولية وعامل مهم في تعزيز التعاون الدولي وحفظ العالم من الصراعات الدينية والحضارية.

-  ان استخدام العامل الديني والعتبات المقدسة والتأثير الروحي للزعامات الدينية بات عاملاً مشروعاً للترويج للدبلوماسية الدينية في دول العالم، وهي أداة دبلوماسية قديمة ولكنها اكتسبت دعماً قوياً في هذا العصر.

- تعد العتبات المقدسة في العراق من الأماكن التي تعد ذات تأثير روحي لدى ملايين المسلمين في مختلف دول العالم، لاسيما العتبة الحسينية المقدسة بما يمتلكه الامام الحسين (ع) من تأثير في النفوس وكونه القدوة التي يتأسى بها شرائح مختلفة من المجتمعات الإنسانية.

-  شهدت العتبة الحسينية المقدسة بعد عام 2003 تطوراً ملحوظاً، لاسيما بعد الدعم الحكومي لها ،فضلا عن الدعم الشعبي الذي حظيت به، مما اكسبها قاعدة قانونية وتنظيمية مكنتها من إدارة نفسها مستفيدة من التجارب المحلية والإقليمية، حتى باتت مؤسسة متكاملة توازي في تنظيمها الوزارات العراقية في جوانبها الاقتصادية والإدارية والاجتماعية.

-  للعتبة الحسينية نشاطات كثيرة الا ان الدور الديني هو الاساس في هذا المجال، لاسيما اشرافها على إدارة الروضة الحسينية وإدارة وتنظيم الزيارات المليونية في كل عام.

-  تعد زيارة الأربعين التي أدرجت ضمن لائمة التراث غير المادي الإنساني من أهم واكبر المسيرات الإنسانية التي تشهدها مدينة كربلاء في 20 صفر من كل عام والتي شارك فيها في عام 2022 حوالي (21) مليون زائر منهم (3) ملايين اجنبي مما يعكس التأثير الذي من الممكن ان تحققه هذه الزيارة في دعم الدبلوماسية الدينية للعراق من خلال الدعاية والترويج للمفاهيم الحسينية والدينية وإعطاء صورة واضحة عن العراق وأهله.

المصدر: حلقة  من بحث أ.د. قاسم شعيب عباس السلطاني كلية العلوم السياسية / جامعة النهرين

 

اعداد : فضل الشريفي